الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن، قال: «كان طول سفينة نوح عليه السلام ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع»، وإليك ما ذكره بعد هذا من العجب العجاب، قال: وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال الحواريون لعيسى ابن مريم عليهما السلام: لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها، فانطلق بهم، حتى انتهى إلى كثيب من تراب فأخذ كفا من ذلك التراب، قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا كعب حام بن نوح، فضرب الكثيب بعصاه، قال: قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب على رأسه، قد شاب، قال له عيسى عليه السلام: هكذا هلكت؟! قال: لا؛ مت وأنا شاب، ولكنني ظننت أنها الساعة قامت، فمن ثم شبت قال: حدثنا عن سفينة نوح قال: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع، كانت ثلاث طبقات، فطبقة فيها الدواب، والوحش، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطير، فلما كثر أرواث الدواب: أوحى الله إلى نوح: أن اغمز ذنب الفيل، فغمزه، فوقع منه خنزير وخنزيرة!! فأقبلا على الروث، فلما وقع الفأر يخرب السفينة بقرضه أوحى الله إلى نوح: أن اضرب بين عيني الأسد، فخرج من منخره سنور، وسنورة، فأقبلا على الفأر فأكلاه.وفي رواية أخرى: أن الأسد عطس، فخرج من منخره سنوران: ذكر وأنثى، فأكلا الفأر، وأن الفيل عطس، فخرج من منخره خنزيران ذكر وأنثى فأكلا أذى السفينة وأنه لما أراد الحمار أن يدخل السفينة أخذ نوح بأذني الحمار، وأخذ إبليس بذنبه، فجعل نوح عليه السلام يجذبه، وجعل إبليس يجذبه، فقال نوح: ادخل يا شيطان.-ويريد به الحمار- فدخل الحمار، ودخل معه إبليس، فلما سارت السفينة جلس إبليس في أذنابها يتغنى، فقال له نوح عليه السلام: ويلك من أذن لك؟ قال: أنت. قال: متى؟ قال: أن قلت للحمار ادخل يا شيطان، فدخلت بإذنك... وزعموا أيضا: أن الماعز لما استصعبت على نوح أن تدخل السفينة فدفعها في ذنبها، فمن ثم انكسر، وبدا حياها، ومضت النعجة فدخلت من غير معاكسة فمسح على ذنبها، فستر الله حياها يعني فرجها وزعموا أيضا: أن سفينة نوح عليه السلام طافت بالبيت أسبوعا بل رووا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم «إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعًا، وصلت عند المقام ركعتين»!!وهذا من تفاهات عبد الرحمن هذا، وقد ثبت عنه من طريق أخرى، نقلها صاحب التهذيب عن الساجي، عن الربيع، عن الشافعي، قال: قيل لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك عن جدك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن سفينة نوح طافت بالبيت، وصلت خلف المقام ركعتين؟»!! قال: نعم، وقد عرف عبد الرحمن بمثل هذه العجائب المخالفة للعقل وتندر به العلماء، قال الشافعي فيما نقل في التهذيب أيضا: «ذكر رجل لمالك حديثا منقطعا، فقال: اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه، عن نوح»!!وأن لما رست السفينة على الجودي وكان يوم عاشوراء صام نوح، وأمر جميع من معه من الوحش والدواب فصاموا شكرا لله، إلى غير ذلك من التخريفات والأباطيل التي لا نزال نسمعها، وأمثالها من العوام والعجائز، وهذا لا يمكن أن يمت إلى الإسلام بصلة، وإنا لننزه المعصوم صلى الله عليه وسلم من أن يصدر عنه ما نسبوه إليه، وإنما هي أحاديث خرافة اختلقها اليهود وأضرابهم على توالي العصور، وكانت شائعة مشهورة في الجاهلية، فلما جاء الإسلام نشرها أهل الكتاب الذين أسلموا بين المسلمين، وهؤلاء رووها بحسن نية، ولم يزيفوها اعتمادا على أنها ظاهرة البطلان، وأوغل زنادقة اليهود وأمثالهم في الكيد للإسلام ونبيه، فزوروا بعضها على النبي صلى الله عليه وسلم وما كنا نحب لابن جرير، ولا للسيوطي، ولا لغيرهما أن يسودوا صحائف كتبهم بهذه الخرافات والأباطيل، فاحذر منها أيها القارئ في أي كتاب من كتب التفسير وجدتها، وألق بها دبر أذنيك، وكن عن الحق منافحًا وللباطل مزيفًا. اهـ.
.التفسير المأثور: قال السيوطي:{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ}أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وضعفه الذهبي وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان نوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة ويمرون فيسألونه فيقول: أعملها سفينة، فيسخرون منه ويقولون: تعمل سفينة في البر وكيف تجري؟ قال: سوف تعلمون. فلما فرغ منها وفار التنور وكثر الماء في السكك خشيت أم الصبي عليه وكانت تحبه حبًا شديدًا، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحدًا لرحم أم الصبي».وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت سفينة نوح عليه السلام لها أجنحة وتحت الأجنحة إيوان».وأخرج ابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم، وذكر أن طول السفينة كان ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعًا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعًا، وبابها في عرضها».وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان طول سفينة نوح ثلثمائة ذراع، وطولها في السماء ثلاثون ذراعًا.وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما. أن نوحًا لما أمر أن يصنع الفلك قال: يا رب وأين الخشب؟ قال: إغرس الشجر فغرس الساج عشرين سنة، وكف عن الدعاء وكفوا عن الاستهزاء، فلما أدرك الشجر أمره ربه فقطعها وجففها فقال: يا رب كيف اتخذ هذا البيت؟ قال: اجعله على ثلاثة صور. رأسه كرأس الديك، وجؤجؤ كجؤجؤ الطير، وذنبه كذنب الديك، واجعلها مطبقة واجعل لها أبوابًا في جنبها وشدها بدسر- يعني مسامير الحديد- وبعث الله جبريل عليه السلام يعلمه صنعة السفينة، فكانوا يمرون به ويسخرون منه ويقولون: ألا ترون إلى هذا المجنون يتخذ بيتًا ليسير به على الماء؟ وأين الماء ويضحكون. وذلك قوله: {وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه} فجعل السفينة ستمائة ذراع طولها، وستين ذراعًا في الأرض، وعرضها ثلثمائة ذراع وثلاثة وثلاثون، وأمر أن يطليها بالقار ولم يكن في الأرض قار ففجر الله له عين القار حيث تنحت السفينة تغلي غليانًا حتى طلاها، فلما فرغ منها جعل لها ثلاثة أبواب وأطبقها، فحمل فيها السباع والدواب، فألقى الله على الأسد الحمى وشغله بنفسه عن الدواب، وجعل الوحش والطير في الباب الثاني ثم أطبق عليها، وجعل ولد آدم أربعين رجلًا وأربعين امرأة في الباب الأعلى ثم أطبق عليهم، وجعل الدرة معه في الباب الأعلى لضعفها أن لا تطأها الدواب.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن طول السفينة ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعًا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعًا وبابها في عرضها، وذكر لنا أنها استقلت بهم في عشر خلون من رجب، وكانت في الماء خمسين ومائة يوم، ثم استقرت بهم على الجودي، واهبطوا إلى الأرض في عشر ليال خلون من المحرم.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال: كان طول سفينة نوح عليه السلام ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع.وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال الحواريون لعيسى بن مريم عليهما السلام، لو بعثت لنا رجلًا شهد السفينة فحدثنا عنها، فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب، فأخذ كفًا من ذلك التراب قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا كعب حام بن نوح، فضرب الكثيب بعصاه قال: قم بإذن الله. فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب قال له عيسى عليه السلام: هكذا هلكت. قال: لا مت وأنا شاب ولكني ظننت أنها الساعة قامت فمن ثم شبت قال: حدثنا عن سفينة نوح قال: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع، كانت ثلاث طبقات. فطبقة فيها الدواب والوحش، وطبقة فيها الإِنس، وطبقة فيها الطير، فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح: أن اغمز ذنب الفيل. فغمز فوقع منه خنزير وخنزيرة، فأقبلا على الروث فلما وقع الفار يخرب السفينة بقرضه، أوحى الله إلى نوح أن أضرب بين عيني الأسد. فخرج من منخره سنور وسنورة، فأقبلا على الفار فقال له عيسى عليه السلام: كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت؟ قال: بعث الغراب يأتيه بالخبر، فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف، فلذلك لا يألف البيوت. ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجليها، فعلم أن البلاد قد غرقت، فطوّقها الخضرة التي في عنقها ودعا لها أن تكون في أنس وأمان، فمن ثم تألف البيوت فقالوا: يا روح الله ألا تنطلق بنا إلى أهالينا فيجلس معنا ويحدثنا؟ قال: كيف يتبعكم من لا رزق له؟ ثم قال: عد بإذن الله فعاد ترابًا.وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان طول سفينة نوح عليه السلام أربعمائة ذراع، وعرضها في السماء ثلاثون ذراعًا.وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال: قال سليمان الفرائي. عمل نوح عليه السلام السفينة أربعمائة سنة، وأنبت الساج أربعين سنة حتى كان طوله أربعمائة ذراع، والذراع إلى المنكبين.وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم رضي الله عنه. أن نوحًا عليه السلام مكث يغرس الشجر ويقطعها وييبسها، ثم مائة سنة يعملها.وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه. أن نوحًا عليه السلام لما أمر أن يصنع الفلك قال: رب لست بنجار؟ قال: بلى. فإن ذلك بعيني فخذ القادوم فجعلت يده لا تخطئ، فجعلوا يمرون به ويقولون: هذا الذي يزعم أنه نبي قد صار نجارًا، فعملها أربعين سنة.وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن ميناء. أن كعبًا رضي الله عنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص، أخبرني عن أول شجرة نبتت على الأرض؟ قال عبد الله: الساج وهي التي عمل منها نوح السفينة فقال كعب رضي الله عنه: صدقت.أخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {من يأتيه عذاب يخزيه} قال: هو الغرق: {ويحل عليه عذاب مقيم} قال: هو الخلود في النار.{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)}أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وفار التنور} نبع الماء.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما: {وفار التنور} قال: إذا رأيت تنور أهلك يخرج منه الماء فإنه هلاك قومك.وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال: كان تنورًا من حجارة، كان لحوّاء عليها السلام حتى صار إلى نوح عليه السلام، فقيل له: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك.وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان بين دعوة نوح عليه السلام وبين هلاك قومه ثلاثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح عليه السلام بالبيت أسبوعًا.وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما: {وفار التنور} قال: العين التي بالجزيرة عين الوردة.وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة.وأخرج أبو الشيخ عن حبة العربي قال: جاء رجل إلى علي رضي الله عنه فقال إني قد اشتريت راحلة وفرغت من زادي أريد بيت المقدس لأصلي فيه، فإنه قد صلى فيه سبعون نبيًا ومنه فار التنور، يعني مسجد الكوفة.وأخرج أبو الشيخ من طريق الشعبي رضي الله عنه عن علي رضي الله عنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أن مسجدكم هذا لرابع أربعة من مساجد المسلمين، ولركعتان فيه أحب إليّ من عشر فيما سواه إلا المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وإن من جانبه الأيمن مستقبل القبلة فار التنور.وأخرج أبو الشيخ عن السدي بن إسماعيل الهمداني قال: لقد نجر نوح سفينته في وسط هذا المسجد- يعني مسجد الكوفة- وفار التنور من جانبه الأيمن، وإن البرية منه لعلى إثني عشر ميلًا من حيث ما جنبه، ولصلاة فيه أفضل من أربع في غيره إلا المسجدين مسجد الحرام، ومسجد الرسول بالمدينة، وإن من جانبه الأيمن مستقبل القبلة فار التنور.وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: التنور وجه الأرض قيل له: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك، والعرب تسمي وجه الأرض تنور الأرض.وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه: {وفار التنور} قال: وجه الأرض.وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: التنور أعلى الأرض وأشرفها، وكان علمًا فيما بين نوح وبين ربه عز وجل.وأخرج أبو الشيخ عن بسطام بن مسلم قال: قلت لمعاوية بن قرة أن قتادة رضي الله عنه إذا أتى على هذه الآية قال: هي أعلى الأرض وأشرفها فقال: الله أعلم، أما أنا فسمعت منه حديثين فالله أعلم. قال بعضهم: فار منه الماء. وقال بعضهم فارت من النار، وفار التنور بكل لغة التنور.وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: {وفار التنور} قال: طلع الفجر. قيل له: إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي: {وفار التنور} قال: تنور الصبح.وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين} قال: في كلام العرب، يقولون للذكر والأنثى: زوجان.وأخرج ابن أبي حاتم عن مسلم بن يسار رضي الله عنه قال: أمر نوح عليه السلام أن يحمل معه من كل زوجين اثنين ومعه ملك فجعل يقبض زوجًا زوجًا وبقي العنب، فجاء إبليس فقال: هذا كله لي. فنظر نوح عليه السلام إلى الملك فقال: إنه لشريكك فأحسن شركته. فقال: نعم، لي الثلثان وله الثلث. قال: إنه شريكك فاحسن شركته فقال: لي النصف وله النصف. فقال إبليس: هذا كله لي. فنظر إلى الملك فقال: إنه شريكك فاحسن شركته. قال: نعم، لي الثلث وله الثلثان. قال: أحسنت وأني محسان، أنت تأكله عنبًا وتأكله زبيبًا وتشربه عصيرًا ثلاثة أيام. قال مسلم: وكان يرون أنه إذا شربه كذلك فليس للشيطان نصيب.وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: لما ركب نوح عليه السلام السفينة كتب له تسمية ما حمل معه فيها، فقال: إنكم قد كتبتم الحبلة وليست ههنا. قالوا: صدقت أخذها الشيطان، وسنرسل من يأتي بها. فجيء بها وجاء الشيطان معها، فقيل لنوح: إنه شريكك فاحسن شركته. فذكر مثله وزاد بعد قوله: تشربه عصيرًا وتطبخه، فيذهب ثلثاه خبثًا وحظ الشيطان منه، ويبقى ثلثه فتشربه.وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال: لما حمل نوح عليه السلام الأسد في السفينة قال: يا رب إنه يسألني الطعام من أين أطعمه؟ قال: إني سوف أعقله عن الطعام. فسلط الله عليه الحمى، فكان نوح عليه السلام يأتيه بالكبش فيقول: ادر يأكل فيقول الأسد: آه.وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإِيمان وابن عساكر وابن النجار في تاريخهما عن مجاهد رضي الله عنه قال: مر نوح عليه السلام بالأسد وهو في السفينة فضربه برجله فخمشه الأسد فبات ساهرًا، فبكى نوح من ذلك فأوحي إليه إنك ظلمته وإني لا أحب الظلم.
|